من وحي رمضان
1
كان رمضان يختلف كثيرا عما هو عليه الآن،كانَ يأتي به عمي وكأنه ملكه
الأزلي ،تتنزه خطواته المتأنية على السلم القديم في الحوش القديم فتبدأ
مرحلة إرتقاء الدرجات كما وقع نبضات الشوق في التماع العيون التي ترقبه،
يصل سطح الدار وينظر هنا وهناك ثم يتخذ مركزا أمام رَحيل قرص الشمس
يبقى على هذا الحال لدقائق كانت تبدو كسنة من الصبر سمعت جدتي مرة وهي تتمتم بالدعاء للهلال وكأنه مسافر في قطار تعسر
وصوله للمحطة سمعتها تتهجد بعطف الله علينا في ان يظهر ويسعد الكون برؤياه
كنت اتطلع لعيناها وإذا بهما تبتسمان رأيت عيونها تبتسم فلحقت بهما نحو
عمي الذي جاء بالهلال من جهة جيراننا يمين النهر ككل عام
2
كان يسألني أن هل أريد شيئا من السوق كعادته كل يوم وهو يخرج كل ضحىً في
رمضات وككل مرة أقول له (سلامتك) وبعد دقائق أتذكر اني نسيت شيئاً علينا أن
نشتريه وهكذا كان للأشياء معناها حين ننساها لنعود ونتعاتب عليها على
الفطور كان جميل القلب لايبين عليه الصوم بل كان أجمل الصائمين في الكون
لكنه طبعا كانت له طقوس معينة لايريد التخلي عنها وكان يراعي ان تكون
موجودة في رمضان وباهتمام كبير، كان يُخرِج قرآن والده ليقرأ به فقط في هذا
الشهر مناوبة مع كتابه الخاص وكان يتفحص(حِب الماء=الزير) ويثبته في مكانه
ويملأه بنفسه وأيضا يتفقد (بساتيك الطرشي= جِرار المخللات) و يحرص على ان
يكون الطبخ في رمضان بقدور النحاس..
بالأمس وجدت أحد تلك القدور
العتيقة وانتابني شوق لتلك الأيام..نعم كان الماء أطيب والطبخ أطيب وهو
وعمي يملكان الهلال أحدهم يأتي برمضان والثاني يأذن للعيد أن يحل متى يشاء
سمرالجبوري
10/7/2013م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق