علاقة الأدب بفلسفة الهندسة المعمارية قصيدة :قميص منفاي للشاعرة فاطمة الفلاحي مثالاً
سمرالجبوري ملخص:
هذا النوع البديع من التعبير في فن القصائد يعتبر إضافة للشاعرية وللخبرة
التجريدية والانطباعية لدى الأديب بل لا يمكن لأي أن يجيده إن لم يدرك حواس
النظر لما بعد سطحيته وفي أقسى وأجمل مواطن الإحساس معا فحين يتداخل
البناء الفيزيقي الحاصل مع انطباع الفكرة بروحية الشاعر تتجلى خبرته
التراكمية في ضم القسوة والرقة من خلال التورية الإبداعية فيما يقدمه
الشاعر للمتلقي ليتعدى كون الكلمات المقروءة والمسموعة إلى كلمات اللوحة
المعمارية وفن التعامد أو الأفقية التكعيبية في القصيدة مما يؤكد رصانة
الفلسفة الهندسية الواقعية والانطباعية في بعض القصائد العربية ،وفي بحثنا
هذا سنحاول إدراج وتفعيل التناسب الطبيعي بين تأثير الثقافات المتعددة وبين
تطبيقها تطبيقا واقعيا يحسب على اجتهاد وكم الخبرة لدى الشاعر سنبدأ البحث
بقراءة عامة لديوان الشاعرة المذكورة ثم نركز بحثنا على القصيدة المنتقاة
والتي تهم بحثنا في إثبات العلاقة الأدبية والشعرية مع الفن التشكيلي
المعماري بثلاث فصول : الفصل الأول: قراءة في ديوان( التيه بين تنهيدتين : رسائل شوق حبيسة منفى) للشاعرة فاطمة الفلاحي الفصل الثاني: التفرد بالأسلوب الحداثوية في قصائد التيه بين تنهيدتين لفصل الثالث: أ_ القصيدة المعمارية( التكعيبية) وتثبيت رؤى الانطباع التشكيلي في قصيدة(قميص منفاي) ب_تحقيق المساقط البنيوية التكعيبية لقصيدة (قميص منفاي) ج_ مقدمة للفلسفة المعمارية قبل إكمال التحقيق
د_ بعد هذه الأمثلة البارزة من فلسفة الفن والمعمار بتكوين الإرادة
الروحية للمبدع نأتي لنقتفي ما نكمله كواقع ثابت فكراً وبنياناً: هـ _ استرجاع الأجوبة الحيثية في نفس القصيدة و_ تحقق التشكيل الفني في منظور الهندسة التوافقية لقصيدة(قميصك منفاي) ت_ تنظير قصيدة(قميص منفاي) تجسيد انطباعي :_ *القصيدة بالخط الكوفي 6/وترسم أيضا بالخط الديواني 2ْ ك_ اقتراح تشكيلي نظري للقصيدة بالتوليف مع احد الخطوط العربية ع _الشكل الافتراضي لنصب (الفنار) تنظير لقصيدة قميصك منفاي للشاعرة فاطمة الفلاحي/تطبيق توافقي هندسي
***************************
الفصل الأول: قراءة في ديوان( التيه بين تنهيدتين : رسائل شوق حبيسة منفى) للشاعرة فاطمة الفلاحي
التعددية الثقافية والتزامن الفكري الصحيح
* لاشك في إن الإكثار من تنوع التعاطي مع الثقافات العالمية يثري كينونة
القارئ بما يجعل نمطيته متقنة التوجه و اكبر من معنى مخزون أو مستودع
والأديب الحقيقي هو الذي يتسنى له الوقوف على نوعية واختيار الثقافات
المتقدمة لمد لروحهِ للتكامل وتثبيت كينونة الثقافة الأم ، هذا ما انتابني
لأول مرة وأنا أتصفح قصائد الشاعرة فاطمة الفلاحي في ديوان(التيه بين
تنهيدتين) ولا يخفى على أحد إن من اهتمامات فاطمة الفلاحي هو: تقديم بعض
القصص والمسرحيات الغربية والفرنسية والتي كانت ومازالت تعتني بتقديمها
باعتناء وعليه أمعنتُ لأجد مفردة مستعارة واحدة أو اسم غريب عن العربية أو
حتى قليلا لأيّ من ثقافات الكون ..فما وجدت و وجدت العكس تماما وهو
استيفاء المضمون من تجربة تعددية الإطلاع و القراءة لتسخيره لبنية الشاعرية
الأم عند شاعرتنا مما يعزز مبدأ إنها تبتعد أبداً عن حقيقتها بنت الرافدين
الثابتة والمتأنية الخطى بإدراج نبض المعنى العالمي كأسلوب للمضي بما تصنع
وتعطي من ثقافة متزنة تجعل المتلقي العربي محيطا بما حوله من آداب وبنفس
الوقت تكتب بمعناها الوجودي الموسوم بالأصالة لنقرأ شيئاً من مترجمات فاطمة الفلاحي:
هل انتصرت؟ أم هزمت؟ الشيء الوحيد الذي أعرفه هو إنني مثخن بالجراح و أنا لا أزال واقفاً على قدمي، مثخنا بالجراح، وكلها في صدري، لقد فعلت ما استطعت وأكثر مما كنت استطيع أما وقد انتهت المعركة الآن، فإنني آت لأضجع إلى جانبك، ولأصبح تراباً (1)
*لنتأمل إسقاط المعنى الإجمالي على حالة الفوضى التي تجتاح أوطاننا وسنجد
الكثير وهذا أبسط الأمثلة على صحة ألبنا الرصينة في روحية أديبتنا في
اختيار وتقديم ما هو ممتد عبر معنى الحقيقة والواقع مع اختلاف الأزمنة
والأمكنة والأسماء، ليس كما في بعض المكتوبين على خُنّاق الأدب ممن
يتسربلون بما هو جدير أن يمحي ملامح وجوههم ووجودهم بأن كرسوا أقلامهم لما
تتيحه أمراضهم النفسية لنقله إلى غير محله و ألعَن من فيهم هُم ذلكم صنف
المُوَجهين فهم يعملون بما يخدم أسيادهُم الآخرين ولا شأن للإبداع ولا
للأدب بأمثلتهم ويا لكثر الأمثلة ورخص اقتناءها
2_ الفصل الثاني التفرد بالأسلوب الحداثوي في قصائد التيه بين تنهيدتين
*سمعنا وقرأنا كثيراً بأن فلان من الأدباء يتفرد بأسلوب عن غيره فما هو التفرد وما حججه....
نجد عند شاعرتنا توخيٍ كبير في أن تنتقي لقصائدها اللغة الوسطية التي تصل
لأعمق نقطة في الأحاسيس عند المتلقي فبينما أقرأ هذا الجزء من ديوان (التيه
بين تنهيدتين) أجد النسق الواحد مع اختلاف نمطية التقديم في نوع القصيدة
وهذا الشيء مفضل لدى أي شاعر ومتلق وناقد فقد هيئتنا الشاعرة من أول ثلاث
قصائد في الديوان لتقول بكل ثقة أن لا تتعدوا عن الحر والتفعيلة الخفيفة
بكل الكتاب لاحظت كيفية انتقاء المفردة المناسبة التي تتمكن من الحاضر دون
الابتعاد عن الأصول بمهارة تجعل كل ما بينهما واضحا دون اللجوء للسرد
المفرط اللا مجدي وهذا بحد ذاته يعد فعلا حداثوياً يعطي للمتلقي سهولة
وسلاسة في الفهم والاندماج مع كم الاهتمام الذي أعطته شاعرتنا للفن
بتقديمها لقصائد تدرك تماما ماهيتها والى أي مدى ستؤول إليها وبوصف رائع من
الأستاذ :(الدكتور محمد بلوحي) في مؤلفه الموسوم(الأسلوب بين التراث
البلاغي العربي والأسلوبية الحداثية) (2)بيَن للقاريْ بعض فصول الحداثوية
في تقديم الشعر والتفرد بالأسلوب حيث قال:_ التفرد بالأسلوب: تتعمق
النظرة إلى الأسلوب في التراث البلاغي مع أطروحات عبد القاهر الجرجاني (ـ
471هـ)؛ إذ نجده يساوي بين الأسلوب والنظم،لأن الأسلوب عنده لا ينفصل عن
رؤيته للنظم، بل نجده يماثل بينهما من حيث أنهما يشكلان تنوعاً لغوياً
خاصاً بكل مبدع يصدر عن وعي واختيار،ومن ثم يذهب عبد القاهر إلى أن الأسلوب
ضرب من النظم وطريقة فيه.إذا كان الأسلوب ـ كذلك ـ يجب أن يتوخى فيه
المبدع اللفظ لمقتضى التفرد الذاتيّ في انتقاء اللغة عن وعي وذلك بمراعاة
حال المخاطب، فإن الجرجاني قد أضاف أصلاً أصيلاً إلى نظرية الأسلوب في
البلاغة العربية القديمة، إذ جعل الأسلوب يقوم على الأصول العربية
وقواعدها، فالنظم يمتنع معنى إذا لم ينضبط بالنحو، وذلك ما أسس له الجرجاني
في دلائل الإعجاز بقوله: واعلم أن ليس النظم إلا أن تضع كلامك الذي يقتضيه
علم النحو، وتعمل على قوانينه وأصوله، وتعرف مناهجه التي نهجت، فلا تزيغ
منها، وتحفظ الرسوم التي رسمت لك، فلا تخل بشيء منها (3)، وبذلك جعل عبد
القاهر الجرجاني من النحو قاعدة لكل نظم، لا باعتباره أداة أسلوب ينتظم بها
التركيب في نسقه الإعرابي العام، وإنما جعل منه ـ كذلك ـ مستفتحاً لما
استغلق من المعنى؛ إذ الألفاظ مغلقة على معانيها حتى يكون الإعراب مفتاحاً
لها، وأن الأغراض كامنة فيها حتى يكون هو المستخرج لها، وأنه المعيار الذي
لا يتبين نقصان كلام ورجحانه حتى يعرض عليه؛ والمقياس الذي لا يعرف صحيحاً
من سقيم حتى يرجع إليه ولا ينكر ذلك إلا من ينكر حسه(4)، فإذا أدرك المبدع
ذلك استقام له الأسلوب وأتاه أنى شاء.
الفصل الثالث: أ_ القصيدة المعمارية( التكعيبية) وتثبيت رؤى الانطباع التشكيلي في قصيدة(قميص منفاي)
*هذا النوع البديع من التعبير في فن القصائد يعتبر إضافة للشاعرية وللخبرة
التجريدية والانطباعية لدى الأديب بل لا يمكن لأي أن يجيده إن لم يدرك
حواس النظر لما بعد سطحيته وفي أقسى وأجمل مواطن الإحساس معا فحين يتداخل
البناء الفيزيقي الحاصل مع انطباع الفكرة بروحية الشاعر تتجلى خبرته
التراكمية في ضم القسوة والرقة من خلال التورية الإبداعية فيما يقدمه
الشاعر للمتلقي ليتعدى كون الكلمات المقروءة والمسموعة إلى كلمات اللوحة
المعمارية وفن التعامد أو الأفقية التكعيبية في القصيدة مما يؤكد رصانة
الفلسفة الهندسية الواقعية والانطباعية في بعض القصائد العربية و عند فاطمة
الفلاحي حين جعلت من قصيدة تضم الحب والوطن لوحة تتعدى الأدب التقليدي إلى
ضم الأدب الفني والبنائي الأفقي التعامدي كَغرض دلالة إبقاء القصد ماضٍ
لأبعد مما يمكن أن يقال ويُسمع ،أدرك تماما إن حبها لهذه القصيدة يتعدى
حدود الشرح والتفصيل ولكني سأحاول أن أصل لبعض ما أعطتنا في (قميص منفاي)
لنبدأ بتيسير المضمون: إن أي متأملٍ للشعر الحداثوي الستيني العربي
عامة والعراقي خاصة إن الغرض الشعري صار يؤلَف من دلالات استباقية الواقع
وتأثيره على الشاعر الذي بدوره حاول أن يقول مقولته التي بالفعل اثبت بعضهم
مكانه ومكانته الأدبية وتخطوا مكان وزمان التعددية والتقليد والترديد ومما
يلفت نظر أي باحث لتلك الفترات وما أعقبها من فصول يجد إن جملة من شعراءنا
الأساتذة اتخذوا الغرابة والاختلاف النمطي شكلا قدموا به انتفاضة روحيتهم
وتبيين قصدهم للمتلقي كحالة من جملة اختصارات تعددية الغرض كالقصائد
(الكونكريتية) والقصائد (البويهيمية ) وأيضا القصائد الإيحائية بأقل الحروف
الممكنة والمتمكنة من الوصول إلى الغرض...وعلى سبيل ما ذكرنا راجع(فاضل
العزاوي، وسركون بولص، وعبد الرحمن طهمازي) (6)كنماذج تحدوا بشاعريتهم
أنماط التقليد بل وترديد المسوَق على الأذهان بل تعدى بعضهم فخرج عن
المفهوم العادي والطبيعي إلى مسوغات تخصصية ذاتية لربما خرجت و انحرفت إلى
مدا آخر غير الأدب والانطباع وما ذِكرنا لهذه الأسماء الكوكبية من شعراءنا
إلا لأميز اختلاف النمط والأسلوب التي اتخذته شاعرتنا كنمط خاص وجوهر متفرد
لا ليلفت النظر حال موقف ما ولا ليكون صخباً من ردة فعل من فعل بل بكل ثقة
واتزان كتبت لنعرف إلى ما يمكن للروح أن تتمدد بثقة الانتماء للحب الوطن
وبفن وحبكة جديرتين بالأدب والشعر العربي خاصة حيث يتكثفَ الانطباع بوضوح
كبير في قصيدتها التي عشت معها دهر ليس بالقليل فحين يتردد صدى الانطباع في
الكلمات وتتعدى بنيوية القراءة في المراجعة والمراجعة ما يعلن لنواقيس
الفكر أن هناك أكثر من طرح الأسئلة تلو الأسئلة وإن القصيدة لا يمكن أن
تكتفي بالتوقف عن معنى متجرد واحد وإلا فما جدوى ما تبقى من الأبيات؟
تتصدرنا الأسئلة ثم لنلتقي ثانية بنفس القصيدة.. هكذا تستنطقنا نفس القصيدة
لنجد الأجوبة بعد الأسئلة كمحتوى تزامني متصل بفلسفة الانطباع بنفس
القصيدة اللوحة لنجد من الذهول ما يمتع خاطر النقد و الانطباع فالقصائد
الموشاة بالثقة والاعتداد بالنفس الشاعر كاملة ولا تحتاج لأجوبة حيث تكمن
الحكمة بروحيتها بذات النسق بارتداد الموجة الأثيرية على ذات القارئ بهدوء
لا يبتعد ولا يتعدى وهج الألم المرسوم و الراحة من الإبداع المعنوي
والتصويري معا في نسق القصيدة الواحدة
القراءة الأولى للقصيدة:
سألني يوماً لِمَ كلما حاولت وصالك ، تبتعدين ؟ لِمَ الصدود و البعاد، وأنا ابحث عما انفرط و الناقص مني ؟ مازال سؤالك عالق بذهني..وأحاديثك لا تغادر صدري أعياني قَدُ قميصك ، ووجعك يتربض ببواطن قلبي، عالق بناصية الروح غيابك و الخؤون في زمن احتلالك يعيث بدمي يفرُ صوت الشوق... من حُشاشة القلب ومواطن صمتي ، ليبوح لك لا تسألني أيها الحبيب عن شيء وأنا معكَ معك لا أع ، و لا أفقه شيئاً أفقد الإحساس بالأشياء إلا سواكَ تسكن الروح ونبضها و في القلب تعشعش دما تسري في عروقي شوقاً أتحرق إليك أَرِقتُ وأيامي الخوالي أرقب تفاصيل ذكراك و ما آل إليه إملاق الخلق ، و سفع نواصيك وأنت تسافر بي حيث أنت قابضاً على نبضي وريقي أعبر فيك خط أحزاني لليلٍ والقمر كنا نناجيك وجدال نهاري يشتاقك تشعبت الروح من على النهرين وأقاصيك يا وطني، سأبقى أرددك نبوءة فكن لي القميص والمنفى
*فماذا لو بحثنا قليلا عن موجة الجواب في ظل مردود الأسئلة في القصيدة؟؟ لننظر لما آلت إليه القراءة بعد التتابع مع الانطباع
_سألني يوماً
_ لا تسألني أيها الحبيب عن شيء وأنا معكَ.
_لِمَ كلما حاولت وصالك ، تبتعدين ؟.
_معكِ لا أع، و لا أفقه شيئاً.
_لِمَ الصدود والبعاد، وأنا ابحث عما انفرط و الناقص مني ؟, مازال سؤالك عالقا بذهني و أحاديثك لا تغادر صدري
_ لا تسألني أيها الحبيب عن شيء وأنا معكَ أفقد الإحساس بالأشياء إلا سواكَ و الخئوون في زمن احتلالك يعيث بدمي
*موجات التردد مع الثقة بطرح الموضوع مع تلافي السرد المفرط مما أعطانا
دليلا لتحفيز الفكر بتنظير المعنى على أفق الحقيقة الانطباعية التي ما
فتأتْ تسكن بشدة قلم شاعرتنا التي تماهت بحبكة التقديم وأيضا كصرخة
تعتلي فن القبول بالألم مقابل الأقدار التي أدت بالأسئلة كدهر كان يجب أن
نحكم الجواب لنسند فلسفتنا بعدم الضياع بالبقاء قيد دائرة السؤال حيث لا
طائل للمضي أو الرجوع فالجواب بكل ما يحمل من وجع هو بكل جدارة :الأسلوب
الصحيح الذي اعتمدته شاعرتنا للمضي بأدب وروح صحيحة ولإثبات نمطية
قراءتي للمردود الفلسفي والانطباعي أجد في محاضرات آرنولد روث التي قدمها
ثم طبعها في سبعينات القرن الماضي ..ومن ثم وصلت إلينا عبر مؤلف مترجم
للأستاذ (عبد العالي مريني)(6) حيث أسنَد ما تقدم للأستاذ روث بقصيدة
الشاعر التونسي منصف المزغني: والتي كتبها على شكل حمامة وإليكم محاضرة رقم 12- للأستاذ روث:تحت عنوان:دور القارئ في النقد الأدبي الألماني المعاصر:_
إن النموذجين التاريخيين اللذان يدخلان اللعبة يبدوان حينئذ مرفوضين:
فالنموذج الماركسي [ مرفوض ] بسبب غائيته Téléologie و[بسبب] التحديد
الأحادي الجانب للظواهر الثقافية من خلال الظواهر الاقتصادية. ومن جهة
أخرى، النموذج الذي ظهر مؤخرا مع الشكلانيين الروس، فإذا كانوا قد اقترحوا
-مع مفهومهم عن التطور évolution أي تسلسل التجديد innovation
والأوطوماتيزم Automatisation ورد الفعل réaction - وسيلة للوصف المشروع،
فإنهم مع ذلك لم يهتموا بالتفاعل interaction الصريح بين تاريخ أدبي وتاريخ
عام. وبرجوعنا إلى السؤال الأول الخاص بالجانب الذي يحتله المُؤِِول في
تفسير النص، أو بصفة عامة، القارئ في القراءة. فإننا نقر أولا وقبل كل شيء
ما يلي: بالنسبة إلى الأشخاص الذين ينتقدون منهج التفسير المحايث في هذه
المرحلة لا يتعلق الأمر إطلاقا بتحديد المعنى الموضوعي لنص ما أو العثور
على تفسير مقبول نهائيا، ومن ثم السقوط مرة أخرى في الوضعية. إنهم بخلاف
ذلك يتموقعون في الاتجاه الذي فتحه"ويلهلم دلتاي" Wilhelm Dilthey في بداية
هذا القرن. فحسب النظرية المعرفية لويلهلم دلتاي، تتميز العلوم الإنسانية
عن العلوم الطبيعية من خلال الفعل الذي يوجب أن ذات Sujet المعرفة ليست
منفصلة عن موضوع Objet المعرفة في فهم ظاهرة ما أو نص تاريخي مدروس، لسبب
بسيط هو أن الذات تظل متأثرة بالتقليد الذي يُـلـَقنه موضوعها. وكمثال على
ذلك : لا يمكن للمؤول الفرنسي " لراسين" Racine التحرر كليا من سلطة
التقليد tradition، وخاصة من المعايير اللسانية أو الجمالية الكلالسيكية
التي وصلت إلى أوجها لا سيما مع "راسين". ومع ذلك، فإن المدرسة الجديدة -
التي سوف تـُعرف بجمالية التلقي- لا تقف عند هذا الحد: ففي الوقت الذي
يـُطرَح فيه السؤال الخاص حول مشاركة القارئ، فإنه تواجهنا مجموعة من
المشاكل: - فأي تأثير مسبق يمارسه الجمهور الذي يبحث عنه المُؤلِف
auteur، على إنتاج النص ذاته إنتاج النص ذاته؟ وبماذا ندين إذن، لمدام
دوغرينان Madame de Grignan في الرسائل التي تـَـلقتها من أمها؟ - وما
هو الدور الذي تلعبه صورة المؤلف أو صدقه عند قراءة أعماله؟ وإلى أي حد
يصبح حكمنا محتشما من خلال عمل [فني] موصوف كـ [عمل] كلاسيكي؟ - وأية
أهمية ينبغي إعطاؤها للأفكار المسبقة الخاصة بجنس أدبي ما، مثلا [تلك]
الخاصة بحالتنا، لا بل حتى رغبتنا في الاستمتاع بالكوميديا؟ - وماذا يحدث لنا أثناء القراءة؟ وهل يعمل القارئ على إيجاد ذاته، أم هل هو قادر على فهم شيء ما خارج ذاته؟ - وبأي مقياس يستطيع المؤلف-كما ترى ذلك البلاغة القديمة- توجيه التطابقات التي تنشأ بالضرورة بين القارئ وبعض الشخصيات التخييلية؟ - وما هي الشروط التي على أساسها يستحسن القارئ نصا ما باعتباره [نصا] جماليا؟ - وأخيرا: ماهي المعايير الراسخة للحكم على تفسير نص كيفما كان [ نوعه]؟
وإذا تعذر التمييز بين الصحيح والخطأ بعد هذا الذي قدمته، فهل يمكننا
التمييز، على أي حال، بين التماسك Cohérent والتنافر incohérent بين
المعقول plausible واللامعقول non plausible، بين التذاوتي intersubjectif
والذاتي subjectif؟ إن هذا الجرد الشاق نسبيا يسمح لنا على الأقل بفهم
مصطلح "جمالية التلقي" الذي لم يُـوَضح بما فيه الكفاية حتى الآن: فالمسألة
لا تتعلق أبدا بمعرفة حسب أية قواعد- تاريخية أو لا تاريخية ahistorique-
تم إنتاج نص أدبي ما، وإنما بأية طريقة وفي ظل أية شروط يتم تلقي نص ما، لا
سيما من حيث هو عمل فني. وهذا يعني أنني سأجيز لنفسي الدخول حاليا في
وصف التطور الملموس لجمالية التلقي. ونقطة الانطلاق هي بدون شك "
الهيرمينوطيقا [ التأويلية ] الفلسفية" «Herméneutique philosophique » في
شكلها الأكثر تطورا كما ركز عليه"هانز جورج غادامير" H.G. Gadamer في عمله
المتفوق:"الحقيقة والمنهج" "undMethode" عام 1961. فحسب "غادامير" إن
العلاقة بين النص والقارئ تخضع لمنطق السؤال والجواب. والحالة هذه يصبح
النص جوابا عن سؤال، وبعبارة أخرى لا أرى في نص ما إلا ما يعنيني. ومن
الثابت أن الجواب الذي يقدمه النص عن سؤالي لا يكون كافيا تماما وأبدا، لأن
النص هو أيضا يطرح أسئلة وعلى القارئ الآن أن يجد لها أجوبة. ويترتب على
ذلك، أن منطق السؤال والجواب يـُـقَدم في شكل جدلي أو يقدم- بما أن الأمر
يتعلق بالابستمولوجيا- في شكل حلقة هيرمينوطيقية. وللسبب ذاته، فإن فهم نص
تاريخي ما، يعني: فهم السؤال الذي أجاب عنه النص، وبصفة عامة: البحث عما
يسميه غادامير بـ " أفق الأسئلة" L'horizon de questions.
*بعد إثبات تميز الآصرة الإبداعية في تكوين التكامل بين مراوحة السؤال
والجواب نأتي للفصل الأجمل وهو ما يمكن أن ينتج من انطباع فلسفي ورياضي
بنفس الوقت في القصيدة هنا سأكذب على نفسي وأقول إنني لستُ متعبة أتسربل
في الموضوع أسوة بشاعرتنا حين كتبت ما أعطته لنا بكل هدوء وسلاسة فقط لأرضي
غرور هذه المخطوطة أمامي ولسبب واحد وبسيط وهو إنني أتعاطي مع هذا النوع
من القصائد لأول مرة لفلسفة الهندسة شأن لا يعرفه إلا المتخصصين في
هذا المجال والذي أدهشني فعلا إنني اجتهدت بأن يخطئ عندي الحساب ولو قليلا
مما ارتسم بيقيني عبر هذه القصيدة لكنني فشلتُ ونجحت القصيدة، وعلى كلٍ ما
جدوى الناقد إن فشلت القصيدة ونجح هو؟ سؤال أتفَه من أن يكون.
ج_ مقدمة للفلسفة المعمارية قبل إكمالي للتحقيق.... الطابع والتعبير في فلسفة التصميم المعماري
*لقد نظر الباحث إلى هذا الأمر من وجهة نظر ومنطلق جمالي فلسفي بحت. لذلك
تتبع مسار تاريخ الجمال على مر العصور.. ومن وجهة نظر.. أو من تحليل تاريخي
غربي بحت في اعتقادي أنه قبل الخوض في تفاصيل البحث الفلسفية علينا أن نحدد لب المشكلة وتحليل الخلاف الحاصل على الساحة المعمارية وأسبابه:
(يقول عبد الرؤوف برجاوي (7)الظاهرة الجمالية في الفن، هي ظاهرة بشرية،
تنبع، إلى حد ما، من العلوم الإنسانية، كعلم النفس، والتحليل النفسي، وعلم
الاجتماع، وهذه ليست فلسفة بالمعنى الدقيق، وان كانت تمس أجواء الفلسفة،
فإذا كان من العسير على الفلاسفة، أحيانا فهم وجهة نظر الفنانين، فانه يصعب
على الفنانين، أحيانا أخرى، فهم وجهة نظر الفلاسفة" .ثم تتذكر قوله قبل
ذلك في صفحات سابقة ون نفس المرجع (ص 15) : إن أكثر علماء الجمال
والفلاسفة، الذين لم يمارسوا فناً بصورة بارزة، هم الذين تصدوا للفن وأهله،
وأعطوا كل مويد فيما يتعلق بعلم الجمال: ولعل أفلاطون، أول باحث في
الجمال، قديماً وبصورة دقيقة، لم يحاول يغمس ريشته بالزيت، فيخرج ألوانا
وظلالاً، أو يحمل قيثارة فيرجعها أنغاما، أو أزميلا يصنع من الحجر تمثالاً،
وإنما كان عمله، كما عرف عنه، غير ذلك، تناول الفنون، فلسفة ونظريات".
ولكن قبل الخوض في آراء أفلاطون علينا أن نلقي نظرة على آراء أستاذه سقراط
( 470 - 399 ق.م) حيث كان يرى أن كل شيء ذو فائدة هو رائع جميل فالأشياء
التي تسبب ضرراً للإنسان هي قبيحة رغم تناسب أجزائها في جمال الصنع. لذلك
يرى كيوناردو ريتشي أستاذ العمارة في جامعتي فلورنسا وهارفارد ( 1950 -
1980) أن الأهرامات هي قبيحة لأنها بنيت على أكتاف واكف آلاف المستبعدين من
البشر. إن الجمال كان قبل أرسطو ذا مفهوم رياضي شكلي يقع في إطار
الأرقام والنسب كما عند فيثاغورس( القرن 6 ق.م) وفي النسبية كما عند
هيراقليط ( 576 - 480 ق.م) وفي النظام الصارم والتناسق كما هو عند ديمقراط (
460 - 370 ق.م) . فكان سقراط أول من وضع مبدأ الأخلاق في الفن ثم تبعه
تلميذه أفلاطون ( 427 - 347 ق.م) حيث وضع رأيه في الفن في مبدأ عدم محاكاة
للطبيعة ووضع درجات الجمال: الجمال المطلق ثم العقل - فالنفس ( وتمثل
الأخلاق) - ثم الجسم..إن نظام الكون شغل بال الفلاسفة اليونانيين فذهبوا
يتمثلون نظاماً من الجمال في فنونهم سعوا فيه إلى تحقيق صفات التماثل
والائتلاف، فحدث لقاء بين تصوراتهم الميتافيزيقية وتخيلاتهم الاستطيقية
فأصبحت تطبيقاتهم في مجالي " الجمال" و " الفن" هي الجانب الاسطيقي لمشكلة
البحث عن " الوحدة في الميتافيزيقا" التي سعى إليها الفلاسفة عندما فسروا
مسألة الكثرة والتعدد. ثم يأتي افلوطين ( 204 - 270 م) وهو فيلسوف
مسيحي زاهد وصوفي ولد في مصر وتأثر بأفلاطون ويعد مؤسس الأفلاطونية
الحديثة. حاول فيها التوفيق بين الفلسفة اليونانية والمعتقدات الدينية
الشرقية. فكان لانتشار أفكاره الوقع الخطير على الفلسفة والتصوف من بعده (
المنجد ج 2، ص 56). إن أهم ما يؤثر به هذا الرجل كان إيمانه بوجود
عالمين في آن واحد وهما العالم الحقيقي( ويدرك بالعقل) والعالم الحسي الذي
يفيض عن الله أو الخير المحض. لذلك فللجمال ثلاث صور: العقلية، الطبيعية,
الفنية ( الصناعية). فنرى أن مفهوم الفن يوازي المهارة الصناعية يجد له
صدراً رحباً في المفهوم الإسلامي بعد ذلك. وفي اعتقادي أن ذلك هو سبب
الخلاف الحقيقي بين نظرتي الغرب والشرق إلى مفهوم الفن. فجذور المفهوم
الغربي تعود إلى تقديس الجمال في حد ذاته بينما هو صناعة ومهارة ومنفعة غي
خدمة الإنسان لدى الشرق. وأن العالمين الشرقي والغربي رشفا من مصدر واحد
وهو الديانات السماوية ( السامية) ( العربية). إن الاختلاف ظهر عندما
حصل انفصام بين السلطة الدينية والسلطة الدنيوية في عصر النهضة ( 1418م)
بظهور الحركة الإنسانية والرؤية الواقعية إلى الطبيعة واتساع المدن ونموها
وظهور المنظور في الساحة الفنية واخذ رجال الفن موقعهم مع رجال العلم وتحرر
الفنان من السلطة الدينية. ولا ننسى أن نربط كل ذلك بسقوط الأندلس واكتشاف
أمريكا وسقوط القسطنطينية ويأس الصليبين من تحرير القدس نهائياً . فانقلبت
الموازين ففي القرن السابع عشر احتل البرتغاليون يواحل الخليج العربي.
وظهر شكسبير في بريطانيا وسيرفانتيس ( صاحب رواية دون كيشوت) في اسبانيا
وموليير في فرنسا وكذلك جاليليو وباسكال ونيوتن ومن الفلاسفة ديكارت
وسبيونزا وساد عصر لويس الرابع عشر. وظهر عصر الباروك ثم لحقه الركوكو في
القرن التالي. ولا ننسى أن ديكارت واضع مبدأ الثنائية : في الربط بين
طرفي الوحي والعقل لأهميتهما معاً في إحداث اللّذة الحقيقية بالجمال. ويتفق
موضوع مشاركة العقل مع الحواس في إحداث الشعور باللذة الجمالية مع موقف
ديكارت من مسألة الاتحاد بين النفس والجسد والمعروفة بالثنائية التي يرى
غيها أن الانفعالات هي حالة ناتجة عن الاتحاد بين جوهري النفس والجسد، يقول ديكارت: ليس فنا إلا نوعين من الفكر هما إدراك الزمن، وفعل الإرادة
ويقول : " كيف نحصل على أفكار متميزة عن الامتداد وعن الفكر من حيث أن
احدهما هو طبيعة الجسم والثاني هو طبيعة النفس" ( د. راوية.. ص 84 - 85) بمعنى أن في الإنسان قوتين: قوة الحس وقوة العقل وهما القوتان اللتان تؤسسان الحكم الجمالي والتقييم الفني.
إن القرن الثامن عشر هو قرن الفلاسفة فقد ظهر منهم - بدمارجن ( واضع علم
الجمال) وهوجارت وهيوم وكانت وبيرك وشيلر وهيغل وشيلنج. كما ظهر في هذا
العصر كل من باخ و موزارت و بيتهوفن. وفي هذا القرن حدثت الثورة الأمريكية
1750 والثورة الفرنسية 1789 .(9) " أن الجمال هو ذلك الذي يكون ممتعاً
بالضرورة، وهذه تنبعث من نفوسنا، ونحن ندرك هذا الجمال. وينبغي أن تكون
الصلة المقطوعة تماماً بأية فائدة مهما كانت". ولا ننسى أن كانت هو
الذي وضع الأساس لمذهبين أو مدرستين هما : (1) الفن للفن و(2) الفن لهو
(متعة) . كما لا ننسى أن عصره هو عصر الركوك وهو عصر الانحطاط الخلقي
والسياسي والاجتماعي وحيث كان الفن في خدمة الخدور النسائية وبناء عليه
قامت الثورة الفرنسية وظهرت المدارس الكلاسيكية المحدثة، والرومانسية،
والواقعية، وأخيرا التأثيرية التي ثارت على المنظور وفلسفته وبذلك مهدت
الطريق للفن الحديث.
إن الكلام عن التراث والعمارة الإسلامية لا
يزال كلاماً عاطفياً و سطحياً. إن الرجوع إلى التراث لا يكون في الحجل
الأبلق ولا في استعمال القوس أو الدائرة. إن التراث هو في نمط الحياة.
وطالما هذا المجتمع يتبع الأسلوب الغربي فلا بد من محاكاة العمارة الغربية.
إن المدينة العربية كانت تعتمد على أسلوب واضح في الحياة والمعيشة. إن
مدينة القدس القديمة مثلاً لا تزال مثالاً قائماً لا مكانية خلود المدينة
العربية الإسلامية رغم الظروف التاريخية والسياسية المتغيرة
إن
التعلق بالمكان واسترجاع الصور الصامدة في المخيلة لهي عوامل صمود الفنانين
من معماريين ورسامين لجلاء الصور الضبابية واستشفاف المشاهد الخالدة التي
ميزت الذاكرة بصورة فريدة لمن تجول في القدس ليحمل في طيات بصيرته من صفات
فنية وجمالية لا تلتحم مع مناظر الدنيا ومدنها مهما انتقل وسافر ومكث
وتنقل. إن القدس هي المكان الذي يجمع في رحابه أزمنة المكان الذي يصبح
زماناً. فالطرقات القديمة والملامح العريقة للمدينة تتداخل في الدهر كما لا
تتداخل في مدنٍ كثيرة من مدن العالم مهما كانت من مدن عظيمة عربية وشرقية
وغربية.إن خصوصية المكان هو تداخل حي واتصال مستمر بين الزمان والإنسان.
إنه مكان " مقدسي" لا هو روماني أو بيزنطي ولا هو أموي أو عباسي ولا هو
أيوبي أو مملوكي ولا هو تركي أو عبري. إن الفراغات والكتل والحيازات
المعمارية نمت فيها نمواً عضوياً اتحدت فيه وتواصلت الأجيال المعمارية .
هذا هو التراث الاتصال والتواصل.. أما التقطع والانفصال يقود إلى الضلال
والتيه والى الحوار والجدل الثقة بالنفس واحترام الذات وتفهم الواقع هو
المسار الذي يقود إلى اكتشاف هوية جديدة لا تقل بهاءً عما سبق. علينا أن
نتذكر أن الفن الحديث الذي ظهر بعد الحرب الأولى لما كان لولا شمال أفريقيا
ولولا الجوامع الإسلامية والمدن الشرقية. إن نيكاسّو لجأ إلى الفن
الأفريقي ليتعلم الاختزال وكاندنسكي إلى الخط العربي و موندريان إلى
الزخرفة الإسلامية وقبلهم ذهب ديلاكوروا إلى الجزائر و مايتيس إلى تونس ومن
هذه الكنوز غرفوا وجدّدوا. فالتكعيبة اعتمدت على الزمان الطفولي والتجريد
على الزمان الصوفي. عندما ننظر إلى الفن الغربي يجب أن ننظر في
أعماقه.. في تاريخه وخباياه وزواياه الخفية. وعندما ننظر إلى العمارة يجب
أن ننظر إلى المدينة. العمارة ليست شيئاً ذاتياً “Object” إنما العمارة هي
عملية “ Process” وهي تفاعل مستمر بين الأمس آن والمكان، المكان والزمان،
الزمان والثقافة، الثقافة والناس. فالعمارة فن والفن هو لغة تعبير هدفه
الإثارة لتفعيل الإبداع من اجل الحياة. والفن رسالة. ولكل رسالة مغزى وهدف. المصدر موثق بمشاركة نجده هنا:_ (8)
د_ بعد هذه الأمثلة البارزة من فلسفة الفن والمعمار بتكوين الإرادة الروحية للمبدع نأتي لنقتفي ما نكمله كواقع ثابت فكراً وبنياناً:
*أ_القصيدة في القراءة الأولى قميص منفاي
سألني يوماً لِمَ كلما حاولت وصالك ، تبتعدين ؟ لِمَ الصدود والبعاد، و أنا ابحث عما انفرط و الناقص مني ؟ مازال سؤالك عالق بذهني ..وأحاديثك لا تغادر صدري أعياني قَدُ قميصك ، ووجعك يتربض ببواطن قلبي، عالق بناصية الروح غيابك والخؤون في زمن احتلالك يعيث بدمي يفرُ صوت الشوق... من حُشاشة القلب ومواطن صمتي ، ليبوح لك لا تسألني أيها الحبيب عن شيء وأنا معكَ معك لا أع ، و لا أفقه شيئاً أفقد الإحساس بالأشياء إلا سواكَ تسكن الروح ونبضها و في القلب تعشعش دما تسري في عروقي شوقاً أتحرق إليك أَرِقتُ وأيامي الخوالي أرقب تفاصيل ذكراك و ما آل إليه إملاق الخلق ، و سفع نواصيك وأنت تسافر بي حيث أنت قابضاً على نبضي وريقي أعبر فيك خط أحزاني لليلٍ والقمر كنا نناجيك وجدال نهاري يشتاقك تشعبت الروح من على النهرين وأقاصيك يا وطني، سأبقى أرددك نبوءة فكن لي القميص والمنفى
القراءة الثانية: هـ _ استرجاع الأجوبة الحيثية في نفس القصيدة
سألني يوماً لا تسألني أيها الحبيب عن شيء وأنا معكَ لِمَ كلما حاولت وصالك ، تبتعدين ؟ معك لا أع، و لا أفقه شيئاً لِمَ الصدود والبعاد ، وأنا ابحث عما انفرط و الناقص مني ؟
مازال سؤالك عالق بذهني.. وأحاديثك لا تغادر صدري/ تكملة/لا تسألني أيها الحبيب عن شيء وأن معكَ أفقد الإحساس بالأشياء إلا سواكَ/تكملة/ و الخؤون في زمن احتلالك يعيث بدمي
أعياني قَدُ قميصك ، ووجعك يتربض ببواطن قلبي، عالق بناصية الروح غيابك و الخؤون في زمن احتلالك يعيث بدمي يفرُ صوت الشوق... من حُشاشة القلب
ومواطن صمتي ، ليبوح لك لاتسألني أيها الحبيب عن شيء وأنا معكَ معك لا أع ، و لا أفقه شيئاً أفقد الإحساس بالأشياء إلا سواكَ تسكن الروح ونبضها
و في القلب تعشعش دما تسري في عروقي شوقاً أتحرق اليك أَرِقتُ وأيامي الخوالي أرقب تفاصيل ذكراك وما آل إليه إملاق الخلق ، وسفع نواصيك وانت تسافر بي حيث أنت قابضاً على نبضي وريقي أعبر فيك خط أحزاني لليلٍ والقمر كنا نناجيك وجدال نهاري يشتاقك تشعبت الروح من على النهرين وأقاصيك يا وطني، سأبقى أرددك نبوءة فكن لي القميص والمنفى
و_ تحقق التشكيل الفني في منظور الهندسة التوافقية لقصيدة(قميصك منفاي)
* لتحويل الشكل التعامدي على أفق القصيدة بالشكل طبق المضمون كان لابد من
مراجعة بعض الفصول في أنماط الخط العربي وهو فن خاص له رواده وأمراءه وحيث
أعد أحد الأهداف الواجبة استرجاعها لتثبيت وتحرير فن و ريادة الخط العربي
الفني كوسيلة لاستدراك خاصيته الروحية التي كادت أن تندثر مع اقتصار
التعامل على نوع أو نوعين فقط مما نتعامل به علمياً وتقنياً في كل أوردة
الحياة فكان استحداث التواصل مع الخطوط العربية من أوائل أهداف الحداثويين
في الأنماط التشكيلية النظرية والبصرية التطبيقية بمعية الفلسفة الروحية
لتقديم النصوص، ويُعد (محمد بنيس) من أوائل من حث واستحث على فهم وسبر
وريادة القصيدة التشكيلية حيث نذكر مثالا من إبداع تحليل الأستاذ (جميل
حمداوي): الكتابة رؤية للعالم وميسم للمواجهة والتأسيس؛ لأن الكتابة
تهدف حسب محمد بنيس إلى : بلورة رؤية مغايرة للعالم، تستمد من التأسيس
والمواجهة بنيتها الرئيسية. والمجتمع فاعل في وجود العالم وصيرورته، على أن
المجتمع العربي، ومنه المغربي، لم ولا يختار حياته بمحض إرادته، بعكس ما
تحاول أن توهمنا بذلك إيديولوجية الهيمنة والاستبداد، من خلل مقيداتها
ومروياتها.إن المجتمع العربي مغلول في ماضيه وحاضره بالأمر والردع
والاستعباد، مبعد عن الابتكار والتحرر، وبرغم تحكم الصوت والسيف في مسافة
خطواته واتجاهها، فقد استيقظ على تدمير الإخضاع هنا وهناك، بصيغ وأنماط
متعددة" " المزاوجة بين بلاغة العين وبلاغة الأذن، يقول أحمد
بلبداوي:"حينما أكتب القصيدة بخط يدي، فإني لا أنقل إلى القارئ معاناتي
فحسب، بل أنقل إليه نبضي مباشرة وأدعو عينيه للاحتفال بحركة جسدي على
الورق. يصبح للمداد الذي يرتعش على البياض، كما لو كان ينبع من أصابعي
مباشرة لا من القلم،ويغدو للنص إيقاع آخر يدرك بالعين مضافا إلى إيقاع
الكلمات المدرك بالأذن..."الدفاع عن ذاكرة الخط المغربي التاريخية
والحضارية والإبداعية، يقول أحمد بلبداوي:"من هنا لا يكون الخط مجرد زخرف
وديكور خارجي بقدر ما هو منغرس في بنية اللغة وهذه الذاكرة ليست ثابتة كما
لو كانت قانونا مرتبطة به ارتباط الظل،تنتقل عدواها إلى مضمون النص ذاته،
وتحتاج من الكاتب إلى وعي خاص وجهد في تفجير هذه الذاكرة،إن الخط في تصوري يحمل ذاكرة النص الذي يكتب به، ويشرب من مائه وعلى طريقة الصوفي ابن عربي أقول: إن الخط أنثى عاشقة تستقبل بكل لذة العاشقين ما ينضح به النص في روحها..."
ب الرغبة في التفرد والتميز على مستوى خريطة الشعر العربي عن طريق تمثل
الأشكال الخطية المحلية واستلهام التجارب الخطية الغربية والأندلسية
وأشكالها الفضائية والمكانية كقصيدة الموشح وقصيدة الزجل والقصائد
الكونكريتية الأندلسية ذات التشجير النباتي؛(9)
* هنا تماما وجدتُ
إن شاعرتنا تأثرت وبشكل مباشر ومستقيم أولا بقيمة المبدأ الفلسفي للمضمون
الإيحائي الكبير والمتأصل في الشعر ألمغاربي الحداثوي مع ما تملكه من مكنون
الثقافة الفكرية والجهد الإستباقي ألعقلائي المستمر بالمرور والمرور عبر
قنوات التميز من و في أنواع الأدب المتداول تلقائيا بكفاءة خبرتها في
الانتقاء والتحليل
الخط الكوفي المربع
لما كان الخط الكوفي هو أقدم صور الخطوط التي وصلت إلينا منسوخا بها
القرآن الكريم ، وتاريخ الخط العربي يبين لنا التطور الذي مر به الخط
الكوفي عبر العصور ، فإن للخط الكوفي المربع قصة مختلفة ، وأفضل من
يحدثنا عنها هو الأستاذ محمود شعبان فهو من أساطين رجال القانون في بني
سويف ، وباحث أكاديمي متخصص في القانون المدني وفي الخطوط العربية ، ورئيس
جمعية الخط العربي ببني سويف ، ورائد النشاط الثقافي للخط العربي بمحافظة
بني سويف ، ينظم المواسم الثقافية والمحاضرات والندوات والمعارض الفنية
للخط العربي ببني سويف . وله كتاب نادر في (الخط الكوفي المربع تحت الطبع).
ولقد نظم لأول مرة في مصر ، أول معرض للخط الكوفي المربع بمصر في مدينة
بني سويف ، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الرائد العظيم الأستاذ يوسف أحمد هو
الذي أحيا الخط الكوفي في مصر في النصف الأول من القرن العشرين ، وألف فيه
أول كتاب . ولذلك فإن فضل إحياء الخط الكوفي المربع علميا في كتاب
مطبوع وفي أول معرض للخط الكوفي المربع يرجع إلى الأستاذ محمود شعبان .
الذي تجول في ربوع مصر بحثا عن أي نص مكتوب بهذا الخط فتجول في كل آثار
القاهرة وآثار رشيد في أقصى شمال مصر ، وارتاد أهم المكتبات دار الكتب
المصرية ومكتبة الإسكندرية ، باحثا ومنقبا وجامعا لمادته العلمية ومحللا
لها ، بشكل علمي فريد ، وصبر نفتقده في كثير من باحثينا .
وهو في
الحقيقة أول مرجع علمي أكاديمي عن الخط الكوفي المربع تفرغ لسنوات عديدة في
جمع مادته وتحليلها واستخراج قواعده العلمية من كتابات أئمة هذا الخط ،
كما أبدع تصميمات مبتكرة فيه ووضع له قواعد علمية تضبط أشكال حروفه وتيسر
قراءتها وتزيل اللبس من غموض أشكالها أو من تشابهها عند القراءة(11)
نموذج 1منقول لقياسات الحرف العربي بالخط الكوفي المربع الهندسي نموذج(2) منقول: لبعض الأشكال البنائية الهندسية للخط الكوفي
ك_ اقتراح تشكيلي نظري للقصيدة بالتوليف مع احد الخطوط العربية
سألني يوماً لا تسألني أيها الحبيب عن شيء وأنا معكَ لِمَ كلما حاولت وصالك ، تبتعدين ؟ معك لا أع ، و لا أفقه شيئاً لِمَ الصدود والبعاد ، وأنا ابحث عما انفرط و الناقص مني ؟
مازال سؤالك عالق بذهني.. وأحاديثك لاتغادر صدري/ تكملة/لا تسألني أيها الحبيب عن شيء وأن معكَ أفقد الإحساس بالأشياء إلا سواكَ/تكملة/ والخؤون في زمن إحتلالك يعيث بدمي
أعياني قَدُ قميصك ، ووجعك يتربض ببواطن قلبي، عالق بناصية الروح غيابك والخؤون في زمن إحتلالك يعيث بدمي يفرُ صوت الشوق... من حُشاشة القلب
ومواطن صمتي ، ليبوح لك لاتسألني أيها الحبيب عن شيء وأنا معكَ معك لا أع ، و لا أفقه شيئاً أفقد الإحساس بالأشياء إلا سواكَ تسكن الروح ونبضها
و في القلب تعشعش دما تسري في عروقي شوقاً أتحرق اليك أَرِقتُ وأيامي الخوالي أرقب تفاصيل ذكراك وما آل إليه إملاق الخلق ، وسفع نواصيك وانت تسافر بي حيث أنت قابضاً على نبضي وريقي أعبر فيك خط أحزاني لليلٍ والقمر كنا نناجيك وجدال نهاري يشتاقك تشعبت الروح من على النهرين وأقاصيك يا وطني، سأبقى أرددك نبوءة فكن لي القميص والمنفى
بهذه الأمثلة مما استطعت استدراكه أقول
إن شاعرتنا لم تحاول التخطي ولا تحدي الشكل في القصائد الكونكريتية أو حتى
فكرت باتجاه يدل على تعمدها ضم كل ما تقدم من رؤى صارخة بالإلهام البنيوي
للكينونة التعبيرية بل وأثق بأنها خطت لنا ما تشعر به وتؤمن به بكل بساطة
الفطرة التعبيرية للانطباع الشعري فقط ،فتعدت الأشكال الرمزية التقليدية
إلى التعبيرية البنائية التي خطتها بحواس الأدب المتاحة و الأخرى من فلسفة
التشكيل الفني الانطباعي.
النتائج: 1_ للوصول لقراءة القصائد بصورة موسعة يجب الاعتبار والتركيز على تعددية الثقافات المكتسبة.
2_ الخروج عن النمطية المتداولة أكاديميا والتوسع بتتبع مصادر العلوم
الأخرى هو الأسلوب الصحيح لقراءة النماذج الحداثوية وما بعد الحداثوية.
3_ لو لم يكن هناك علاقة بين الحرف والتشكيل لما استند الفن عموما على
النتائج المتصلة أساسا من فلسفة الذات الإنسانية فلكل بناء مصدر وأول مصادر
البناء الإبداعي هو الذات الإنساني. 4_ لتحقيق النتائج المرجوة من
البحث يتوجب تحقيق القوالب على أساس الجُمل بالتتالي وبناءها كوحدة بنائية
مستقلة والتركيز على تجسيد الخط العربي المختار بدون توريق. 5_ التأكيد
على حتمية التكعيب كشرط يعود لاختيار نوع الخط وأدوات قياساته والابتعاد
عن التدوير في تحقيق النُصب التشكيلية المرتبطة بالتكعيب والثلاثية
الأبعاد.
المصادر ________________________________________________ 1- من تقرير إلى غريكو نيكوس كازنتزاكيس ، كاتب يوناني 2 ـ تاج العروس/ الزبيدي، بنغازي: دار ليبيا للنشر والتوزيع ج3/ص504 3 ـ حول الأسلوبية الإحصائية/ محمد عبد العزيز الوافي، مجلة علامات، مج11، ج42، ديسمبر 2001م. 4- الدكتور محمد بلوحي في مؤلفه الموسوم :الأسلوب بين التراث البلاغي العربي والأسلوبية الحداثية/ج1_ص228 5- إشكالية التمرد /شاكر حمد_ (جان دمّو ) _مركز الدراسات والأبحاث العلمانية في العالم العربي 2013 / 12 / 25 6_ دور القارئ في النقد الأدبي الألماني المعاصر()1_أرنولد روث_ترجمة: عبد العالي مريني ص1/_الهوامش أ-الترجمة التالية هي لمقال: Arnold Rothe : Le Rôle du lecteur dans la critique Allemande contemporaine in : littérature N ° 32 Décembre 1978, من الصفحة 96 إلى الصفحة 109
ب- نشير إلى أن هذا المقال يعيد إنتاج نص المحاضرة التي ألقاها آرنولد روث
في جامعة بول فاليري في مدينة مونبوليي عام 1976، أما البيبلوغرافيا
المختصرة المرفقة به فقد نشرت (في غشت 1978) وهي مقسمة تقسيما تقريبيا بحسب
المحاور التالية : المصنفات الخاصة بقضية الأدب والقارئ – المكانة
التاريخية لجمالية التلقي – الأسس النظرية لجمالية التلقي–فعل القراءة –
نظرية القارئ الضمني – من أجل سوسيولوجيا للقارئ – مبادئ تاريخ أدبي للقارئ
– نقد وتطور جمالية التلقي من المنظور الماركسي والسيميولوجي والتداولي
... والملاحظ أننا لم نتمكن من إدراجها (البيبليوغرافيا) في آخر المقال
المترجم، لأنها في معظمها باللغة الألمانية. (المترجم) ج- انظر مثال ذلك في الشعر العربي قصيدة " عن الحمامة " للشاعر التونسي " منصف المزغني " وقد كتبها في شكل حمامة(المترجم) د- قصيدة من 14 بيتا 7- عبد الرؤوف برجاوي (1981): صفحة 15 ( فصول في علم الجمال- بيروت( 8_ http://www.alhandasa.net/forum/showthread.php?t=5338#ixzz272r85v4A
9_ محمد بنيس:موسم الشرق،دار توبقال ، مطبعة فضالة، المحمدية، الطبعة
الأولى سنة1985م؛_أحمد بلبداوي:هبوب الشمعدان، منشورات اتحاد كتاب المغرب،
الطبعة الأولى سنة 1990م، مطبعة- محمد بنيس:في اتجاه صوتك العمودي،مطبعة
الأندلس، الدر البيضاء، الطبعة الأولى سنة 1979م؛ص331 10_ أهم مبادئ كانت ( 1724 - 1804م) ( عدنان رشيد، دراسات في علم الجمال دار النهضة العربية - بيروت 1985 ص 11) 11_كتاب موسوعة الخط العربي/الخط الكوفي المربع ج 2_ص206
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق