الأحد، 25 مارس 2012

أللحظة الهاربة/د.حنان العبيدي مع لوحة (الأسماء:سمرالجبوري)



لوحتي((إسمي وإسمُكَ...وإسم الله الأعظم))
((حرق على الجلد الطبيعي))
أللحظة الهاربة
،،،،،،،،،،،،،،
هويتي تقرأ .. أن العمرَ يبتعدُ عن السنين
ولكن أي .. سنين
بأي المقاييس تُحسب السنوات ..؟
بألأميالِ .. بالآلامِ .. بالأيامِ .. بالخوف بالحنين؟
أنا لا أعرفُ شيئاً عن ميلادي ومتى كان
قبلَ البدء بعدَ البدء؟ .. لا أعلم
فما زلتُ أتعثرُ بأيامي .. بخوفي .. بقلقي
أصبحتُ لا أدركُ حتى معناي
قرأتُ .. سمعتُ .. لُقنتُ .. 
ويالكثرةِ ما لُقنت
أي بنيتي .. أحبّي النَاس فاحببتْ
سامحي .. آثري .. إكرمي .. إصدقي .. ففعلتْ
سَقيت أضعاف ما شربت من قيم الوجدان .. ولكن..!!
لمْ يغرق .. لم يختنقْ .. لم يمتْ .. سواي
كلُّ الّذين قابلتهم .. شَرعتُ أسكبُ فيهم
قدسية ذلك الحنين الدافئ .. حنين الأمهات
الا أنهم .. بَصقوا في وجهي
أدرانَ أنفسهم
أخذوا العافيةَ وارتحلوا في الليل
وضعوا رأسي على طاولةِ السَّقمِ والخوفِ والحيرة
فظلَّ هذا الرأسُ يدور على طاولتهم
يعاند .. يكابر .. يتمرد .. يثور
يسقطُ تارة ويرتفعُ اخرى
يرسمُ الإبتسامةَ من عمقِ الأسى
يغنّي بأوتارٍ مذبوحة لحنَ الخلود
يحملُ عبءَ البشريةِ بصبرٍ وعناد
وتحتَ الطاولةِ روحُ وقلبٌ .. إئتلفا حتى الموت
الرّوحُ ملحٌ يذوب .. كلَّ يومٍ بعرقِ ذلك القلب المضني
ظَلامٌ يلفني من رأسي حتى القدم
وفي زحمةِ الظّلامِ هذه
يتقلبُ الرأس .. يتهرأ .. يندثرُ .. يندحرَ .. وتبقى بقايا تهتف
لن أسقطَ .. لن أستغيثَ .. لن أطلبَ منكم الرحمة
أتكورُ داخل نفسي .. اتلاشى ثم اعود
وفجأةً .. !!
في هديرِ هذه الدورةِ المتعبة
إخترقني كونٌ مضئ
يحمل رأسي بين كتفيهِ .. وعيني في عينيهِ
أذهلني النّورُ .. إستوقفني قليلا
أخمدَ ثورتي وأثلجَ بُركاني
فقدتُ ساعتها الإبصار .. حتى الظّلام لم اعد أراه
كأني أنتقلُ الى عالمٍ آخر
شعرتُ بالخوفِ .. 
لحظةٌ مجنونةٌ تجتاحني
تجمعُ خلاصةَ الإنسانيةِ لعمرٍ .. بعمرِ النّاس
ثم تتركني أعومُ في الفراغ
أدور في الأفق بحذر شديد .. يصحبهُ تربص وإمعان
ومن فرطِ اللهفة ... !!!!
خرجتْ أعيني السبعةَ من محاجرها
غادرتْ رأسي .. ركضتْ لاهثةً باتجاهِ الضوء
تلفُ تصرخُ .. تمد يدها .. أين .. الى أين..؟
اختفى النّورُ غائراً بين السُّدُمِ 
على بُعد آلافٍ من الأميالِ الضوئية
إستنفرتُ ذاتي .. لملمتُ أوصالي 
تلمستُ الأشياء من حولي 
وجدتُني .. لم أزل على الأرض
إنه حلم المتعبين
وعادَ رأسي من تُرابٍ الى الطاولة 
بانتظار فجر جديد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. حنان العبيدي
من مؤلف ثورة الذات
15 / 11/ 1987 


ليست هناك تعليقات: